تويت
فكرة الحق أو نظرية الحق تنصرف بالأساس للشخص الذي يتمتع بالحق. سبق أن أشرنا ولو تجاوزا للتمييز بين الشخص الذاتي ( الإنسان ) والشخص المعنوي ( المعتبر كذلك من طرف القانون ) ولنا أن ننهي هذه المحاضرة المتواضعة بهذا الموضوع.
ويقال عن الحقوق أنها شخصية من حيث إنها تمتع أصحابها من مكنات تأخذ شكل سلطات أو صلاحيات بمستويات مختلفة وفي مواضيع متنوعة. فالمالك مثلا له حق الملكية وقد نعتبره
تجاوزا الحق الكامل أو أصل الحقوق.
والدائن له حق المطالبة بدينه وهكذا.... حتى نربط نظرية القانون بنظرية الحق نقول ما يقول به الفقه ( الفقيه محمد جلال السعيد ) أن الحق ولو تميز بطبيعته الشخصية - أي لا يستفيد منه إلا صاحبه المتمتع به- فإن القانون هو الذي يكون وراء إقرار العديد من الحقوق. وبشكل مبسط يقال إذا كان الحق هو سلطة الشخص على الشيء فالقانون هو مجموعة قواعد تحمي ذلك الحق وتضمنه وتؤطره.
هذا ولتقريب مفهوم الحق يمكن أن نعرض لأبرز تصنيفاته وتقسيماته.
أولا- الحقوق المالية والحقوق غير المالية:
يقصد بالحقوق المالية تلك التي لها قيمة مالية أي يمكن تقويمها بالمال. كحق الملكية الذي يمكن تعريفه حسب المادة 14من مدونة الحقوق العينية كونه يخول مالك العقار ( أي الشيء الثابت في مكانه والذي لا يمكن نقله بدون تلف كالأرض) دون غيره سلطة استعماله واستغلاله والتصرف فيه.
وحق الملكية كما ينصرف للعقار بالتعريف أعلاه ينصرف للمنقول. ويعنى بهذا الأخير الشيء الذي يمكن نقله دون تلف كالحيوان والأثاث...
أما الحقوق غير المالية فهي على عكس الأولى حقوقا لا تقوم بمال ولا تدخل في تركيب الذمة المالية (أي مجموع ما للشخص وعليه من حقوق والتزامات مالية حاضرة ومستقبلة). نمثل على الحقوق المذكورة بالحقوق الأسرية أي تلك التي تثبت للشخص باعتباره عضوا في أسرة سواء كان ذلك بسبب الزواج أو بسبب النسب. وتختلف باختلاف مركز الشخص ووضعه في هذه الأسرة.
هذه الحقوق غير المالية لا تقبل التصرف بالنقل للغير والمبادلة. وهي بذلك تخرج عن دائرة التعامل بخلاف الحقوق المالية أعلاه.
ثانيا- الحقوق العينية والحقوق الشخصية:
حسب المادة 8 من مدونة الحقوق العينية يمكن تعريف الحق العيني بأنه سلطة مباشرة يخولها القانون لشخص معين على عقار معين. مثالها بالإضافة لحق الملكية حق الانتفاع وحق السطحية وغيرهما من الحقوق العينية المنصوص عليها قانونا.
أما الحقوق الشخصية فهي ليست كما الأولى - أي علاقة قانونية بين الشخص والشيء - عبارة عن علاقة قانونية بين شخصين بمقتضاها يلتزم أحد الطرفين بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل كتسديد قرض أو تسليم بضاعة.
وإذا كان اليوم كل إنسان يعتبر موضوعا للحق sujet de droit فليس كل موضوع للحق إنسان. ففي الحقل القانوني يمكن أن يكون موضوعا للحق ذوات لا تصنف بطبيعتها ضمن الأشخاص الذاتيين. ففي المجال الإداري مثلا نجد على رأسها الدولة وفي مجال المال والأعمال يمكن الحديث خصوصا عن الشركات.
هذه الذوات يعتبرها الفقه قائمة بالأساس على مصالح يعتبرها القانون قادرة على إنتاج كل آثارها القانونية. بحيث يعتبرها مستقلة عن الأشخاص الذاتيين الذين يدخلون في تشكيلها. ويمكن أن نخلص بشأن هذا الموضوع الأخير إلى أن الأشخاص المعنوية كما الأشخاص الذاتية لها ذمة مالية خاصة ولها حق التصرف في المجال القانوني. لذلك فهي تعتبر اليوم وبلا جدال موضوعا للحق.
نقلا عن محاضرات الدكتور فريد السموني
وحدة المدخل لدراسة العلوم القانونية.
وحدة المدخل لدراسة العلوم القانونية.