تويت
جامعة ابن زهر - كلية الحقوق أيت ملول
الفصل الخامس - مسار القانون الخاص
وحدة قانون التأمين
محاضرات قانون التأمين - الأحكام العامة لعقد التأمين ، الدكتور رضوان الكبا
السنة الجامعية: 2020-2021
محاضرات في وحدة قانون التأمين ، من إعداد الدكتور رضوان الكبا أستاذ باحث في القانون الخاص بجامعة ابن زهر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول، لفائدة طلبة السداسي الخامس مسار القانون الخاص، برسم السنة الجامعية : 2020-2021.
تقديم:
ظهر التأمين في بدايته في شكل تأمين بحري، بسبب تطور التجارة البحرية في البحر الأبيض المتوسط وخصوصا على السواحل الإيطالية، ونظرا للمخاطر الكبرى التي كانت تواجه السفن التجارية سواء الناتجة عن تقلبات الطقس أو تلك الناجمة عما كان يعرف بالقرصنة البحرية، اهتدى التجار إلى التأمين كملاذ يقيهم تقلبات الطبيعة ومفاجأت البحر.
وهكذا كانوا يلجؤون إلى بعض التجار الذين يضمنون لهم الخسارة التي قد تلحق بالسفن والبضاعة المحمولة عليها، عن طريق "قرض من أجل المغامرة الكبرى"، فإذا حدث مكروه للسفينة وحمولتها، يعوض صاحبها بذلك القرض. أما إذا وصلت سالمة إلى الميناء، استرجع المؤمن قرضه، وتضاف إليه فوائد مرتفعة.
وعلى إثر الحريق الكبير الذي حصل في لندن سنة 1666، وتسبب في احتراق حوالي 13 ألف منزل و100 كنيسة، ظهر التأمين البري في شكل تأمين من الحريق، فنشأت شركات كثيرة للتأمين ضد الحريق، أولها مكتب الحريق "(fire office)، كما مددت بعض شركات التأمين البحري تغطيتها لتشمل التأمين من الحريق، كشركة "royal Exchange"، وهكذا تطور التأمين من الحريق، وانتشر في كثير من الدول كأمريكا وألمانيا، حيث أصبح التأمين على البنايات من الحريق إجباريا لدى الصناديق العمومية، قبل أن تدخل الشركات الخاصة هذا المجال.
أما في فرنسا، فقد ظهر التأمين على الحريق خلال القرن 18 بواسطة صناديق إغاثة ضد الحريق، تسمى "مكاتب ضحايا الحريق" "Bureaux des incendiées"، أولها في باريس سنة 1717، والتي كانت صناديق مساعدة أكثر منها صناديق تأمين. ولم تتأسس أول شركة تأمين ضد الحريق في فرنسا إلا سنة 1750، والتي تسمى "الغرفة العامة للتأمينات بباريس"، والتي تحولت سنة 1753 إلى "الغرفة الملكية للتأمينات".
وفي هذا العصر، رغم كل المحاولات الخجولة، فإن التأمين على الحياة لم يكن معروفا، سواء في فرنسا أو في غيرها، إذ كان يعتبر غير أخلاقي، وتم منعه بأمر من لويس 16 سنة 1681، لكن الشركة الملكية التي تأسست سنة 1787، تم السماح لها منذ البداية بممارسة هذا النوع من التأمين بقرار ملكي.
أما في المغرب، فإن أول شركة تأسست بطنجة سنة 1879، وكانت مختصة في التئ البحري، ثم تلتها شركة فرنسية مختصة في التأمين من الحريق تسمى الإصلاح " réparation" سنة 1883، قبل أن تتبعهما شركتان ألمانيتان سنتي 1886 و1893. غير أن اول شركة مغربية كانت تحمل اسم "المغرب" "Le Maroc"، وتخصصت في التأمين البح، بين سنتي 1916 و 1920.
وكما لا يخفى، فإن للتأمين أهمية قصوى في الوقت الحاضر في جميع المجالات، فقد أصبح الوسيلة المثلى لبث الأمان والثقة في العلاقات التجارية، وتقوية الإحساس بالأمن والاطمئنان لدى الأفراد في المستقبل. كما أن للتأمين أهمية كبيرة في تنشيط الاقتصاد وتقوية الاستثمارات، بفعل المبالغ الضخمة التي تتجمع من الأقساط المدفوعة، والتي توظف في مختلف القطاعات الاقتصادية.
لذلك، فإن كل دول العالم في الوقت الحاضر تنظم التأمين من الناحية التشريعية. وقد كان أول ظہير ينظم التأمين بالمغرب هو ظہير 31 مارس 1919 المتعلق بالتجارة البحرية، ثم تلاه ظهير 30 أكتوبر 1920 المتعلق بالشركات وصناديق التعاضديات الفلاحية للتأمين، قبل أن يصدر القرار الوزيري ل 28 نونبر 1934 المتعلق بعقد التأمين، وهو نسخة من قانون 13 يوليوز 1930 الفرنسي.
غير أن القانون المنظم للتأمين بالمغرب في الوقت الحاضر هي مدونة التأمينات الصادرة في 03 أكتوبر 2002، والتي جمعت كل القوانين والقرارات المتعلقة بالتأمين البري، وتتكون من خمسة كتب:
الكتاب الأول: عقد التأمين؛
الكتاب الثاني: التأمينات الإجبارية؛
الكتاب الثالث: مقاولات التأمين وإعادة التأمين؛
الكتاب الرابع: عرض عمليات التأمين؛
الكتاب الخامس: أحكام مختلفة وانتقالية.
كما صدرت بعد ذلك مجموعة من القوانين المعدلة والمراسيم التطبيقية لهذه المدونة، أخرها القانونين 59.13 و 87.18، اللذين أدخلا نوعا جديدا من التأمين وهو التأمين التكافلي إلى جانب التأمين ذي القسط الثابت (التجاري والتأمين التعاضدي.
ومن أجل تسليط الضوء على تنظيم عقد التأمين في مدونة التأمينات المغربية، سوف نقسم هذه المحاضرات إلى ثلاثة فصول: نستكشف في الفصل الأول الأحكام العامة لعقد التأمين في مدونة التأمينات، بينما ندرس في الفصل الثاني آثار عقد التأمين، قبل أن نقف على أحكام مدة عقد التأمين وانقضائه.
الفصل الخامس - مسار القانون الخاص
وحدة قانون التأمين
محاضرات قانون التأمين - الأحكام العامة لعقد التأمين ، الدكتور رضوان الكبا
السنة الجامعية: 2020-2021
محاضرات في وحدة قانون التأمين ، من إعداد الدكتور رضوان الكبا أستاذ باحث في القانون الخاص بجامعة ابن زهر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول، لفائدة طلبة السداسي الخامس مسار القانون الخاص، برسم السنة الجامعية : 2020-2021.
تقديم:
ظهر التأمين في بدايته في شكل تأمين بحري، بسبب تطور التجارة البحرية في البحر الأبيض المتوسط وخصوصا على السواحل الإيطالية، ونظرا للمخاطر الكبرى التي كانت تواجه السفن التجارية سواء الناتجة عن تقلبات الطقس أو تلك الناجمة عما كان يعرف بالقرصنة البحرية، اهتدى التجار إلى التأمين كملاذ يقيهم تقلبات الطبيعة ومفاجأت البحر.
وهكذا كانوا يلجؤون إلى بعض التجار الذين يضمنون لهم الخسارة التي قد تلحق بالسفن والبضاعة المحمولة عليها، عن طريق "قرض من أجل المغامرة الكبرى"، فإذا حدث مكروه للسفينة وحمولتها، يعوض صاحبها بذلك القرض. أما إذا وصلت سالمة إلى الميناء، استرجع المؤمن قرضه، وتضاف إليه فوائد مرتفعة.
وعلى إثر الحريق الكبير الذي حصل في لندن سنة 1666، وتسبب في احتراق حوالي 13 ألف منزل و100 كنيسة، ظهر التأمين البري في شكل تأمين من الحريق، فنشأت شركات كثيرة للتأمين ضد الحريق، أولها مكتب الحريق "(fire office)، كما مددت بعض شركات التأمين البحري تغطيتها لتشمل التأمين من الحريق، كشركة "royal Exchange"، وهكذا تطور التأمين من الحريق، وانتشر في كثير من الدول كأمريكا وألمانيا، حيث أصبح التأمين على البنايات من الحريق إجباريا لدى الصناديق العمومية، قبل أن تدخل الشركات الخاصة هذا المجال.
أما في فرنسا، فقد ظهر التأمين على الحريق خلال القرن 18 بواسطة صناديق إغاثة ضد الحريق، تسمى "مكاتب ضحايا الحريق" "Bureaux des incendiées"، أولها في باريس سنة 1717، والتي كانت صناديق مساعدة أكثر منها صناديق تأمين. ولم تتأسس أول شركة تأمين ضد الحريق في فرنسا إلا سنة 1750، والتي تسمى "الغرفة العامة للتأمينات بباريس"، والتي تحولت سنة 1753 إلى "الغرفة الملكية للتأمينات".
وفي هذا العصر، رغم كل المحاولات الخجولة، فإن التأمين على الحياة لم يكن معروفا، سواء في فرنسا أو في غيرها، إذ كان يعتبر غير أخلاقي، وتم منعه بأمر من لويس 16 سنة 1681، لكن الشركة الملكية التي تأسست سنة 1787، تم السماح لها منذ البداية بممارسة هذا النوع من التأمين بقرار ملكي.
أما في المغرب، فإن أول شركة تأسست بطنجة سنة 1879، وكانت مختصة في التئ البحري، ثم تلتها شركة فرنسية مختصة في التأمين من الحريق تسمى الإصلاح " réparation" سنة 1883، قبل أن تتبعهما شركتان ألمانيتان سنتي 1886 و1893. غير أن اول شركة مغربية كانت تحمل اسم "المغرب" "Le Maroc"، وتخصصت في التأمين البح، بين سنتي 1916 و 1920.
وكما لا يخفى، فإن للتأمين أهمية قصوى في الوقت الحاضر في جميع المجالات، فقد أصبح الوسيلة المثلى لبث الأمان والثقة في العلاقات التجارية، وتقوية الإحساس بالأمن والاطمئنان لدى الأفراد في المستقبل. كما أن للتأمين أهمية كبيرة في تنشيط الاقتصاد وتقوية الاستثمارات، بفعل المبالغ الضخمة التي تتجمع من الأقساط المدفوعة، والتي توظف في مختلف القطاعات الاقتصادية.
لذلك، فإن كل دول العالم في الوقت الحاضر تنظم التأمين من الناحية التشريعية. وقد كان أول ظہير ينظم التأمين بالمغرب هو ظہير 31 مارس 1919 المتعلق بالتجارة البحرية، ثم تلاه ظهير 30 أكتوبر 1920 المتعلق بالشركات وصناديق التعاضديات الفلاحية للتأمين، قبل أن يصدر القرار الوزيري ل 28 نونبر 1934 المتعلق بعقد التأمين، وهو نسخة من قانون 13 يوليوز 1930 الفرنسي.
غير أن القانون المنظم للتأمين بالمغرب في الوقت الحاضر هي مدونة التأمينات الصادرة في 03 أكتوبر 2002، والتي جمعت كل القوانين والقرارات المتعلقة بالتأمين البري، وتتكون من خمسة كتب:
الكتاب الأول: عقد التأمين؛
الكتاب الثاني: التأمينات الإجبارية؛
الكتاب الثالث: مقاولات التأمين وإعادة التأمين؛
الكتاب الرابع: عرض عمليات التأمين؛
الكتاب الخامس: أحكام مختلفة وانتقالية.
كما صدرت بعد ذلك مجموعة من القوانين المعدلة والمراسيم التطبيقية لهذه المدونة، أخرها القانونين 59.13 و 87.18، اللذين أدخلا نوعا جديدا من التأمين وهو التأمين التكافلي إلى جانب التأمين ذي القسط الثابت (التجاري والتأمين التعاضدي.
ومن أجل تسليط الضوء على تنظيم عقد التأمين في مدونة التأمينات المغربية، سوف نقسم هذه المحاضرات إلى ثلاثة فصول: نستكشف في الفصل الأول الأحكام العامة لعقد التأمين في مدونة التأمينات، بينما ندرس في الفصل الثاني آثار عقد التأمين، قبل أن نقف على أحكام مدة عقد التأمين وانقضائه.