تويت
جامعة ابن زهر - كلية الحقوق أكادير
السداسي الأول - مسلك القانون بالعربية
وحدة مدخل لدراسة العلاقات الدولية
محاضرات مدخل لدراسة العلاقات الدولية
محاضرات مدخل لدراسة العلاقات الدولية، من إعداد الدكتور محمد محاسيني، أستاذ باحث تفي شعبة القانون العام بجامعة ابن زهر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكادير، لفائدة طلبته بـ السداسي الأول شعبة القانون باللغة العربية.
تقديم:
تعود نشأة العلاقات الدولية إلى نشوء الجماعات البشرية، ثم قامت القبائل وتطورت وعرفت فترات من الحرب والسلم والتجارة ومن هنا يمكننا القول بان تاريخ العلاقات السياسية الدولية تاريخ قديم منذ قدم وجود الإنسان.
خلال السنوات الاخيرة عرفت الساحة والسياسة الدولية على السواء تحولات كبيرة، فالاوضاع الموضوعية والقوى والظروف الكامنة، وتوزع القوة والتأثير الاقتصادي والقضايا البارزة كلها عوامل مختلفة بالتأكيد، و لكن بالاضافة الى هذه الاختلافات نجد ان الوضع الذاتي او اطار المرجعية الذي يفهم الناس من خلاله الاحداث العالمية تغير هو الآخر، فقد انتقلنا من المجتمع البشري الذي عاش حياته الجماعية مجزأة إلى سياق جديد يعيش فيه هذا المجتمع حياته ككل لا يتجزأ، فالحضارة العالمية التي نشأت الان هي ذات نفوذ اكبر بكثير نسبيا من نفوذ حضارة روما التي كانت الأوسع انتشارا من كل الحضارات العالمية السابقة، فأبعد قرية في غابة مهجورة وأصغر كوخ معزول في القطب الشمالي يشعران بسلطة التأثير والسيطرة في العصر الحالي.
- عرف جيمس برایس James Brice العلاقات الدولية عام 1922 بأنها: "تلك التي تعنى بالعلاقات بين الدول والشعوب المختلفة"، وعند التدقيق في هذا التعريف يلاحظ أنه بسيط وشامل وغير دقيق، فهو لا يعكس طبيعة ظواهر العلاقات الدولية المتشابكة والمعقدة، كما أنه يفتقد للأسس العلمية والمنهجية التي تشترط التدقيق والوضوح عند البحث في أي مفهوم.
بينما يذهب كل من غريسون كيبر ووالتر شارب Grayson Kipper et Walter Sharp عام 1940، إلى أن العلاقات الدولية هي: "بحث وتشخيص العوامل الرئيسة المحركة للسياسة الخارجية على أن تدرس بشكل منظم". وما يلاحظ على هذا التعريف أنه على الرغم من تلميحه للجوانب العلمية التي تشخص العلاقات الدولية، إلا أنه حاول تقزيم العلاقات الدولية فقط في السلوك الخارجي للدول المتمثل في سياساتها الخارجية.
وعلى نفس المنوال سار كل من هانس مورغنثو وكين تومسون Hans Morgenthau et Kenneth Thompson عام 1950 بأن جوهر العلاقات الدولية يتمثل في : " السياسة الدولية التي مادتها الأساسية الصراع من أجل القوة بين الدول ذات السيادة. فهما يعتبران أن العلاقات الدولية تتمحور في السلوك العدواني الذي تنتهجه الدولة باستعمال قوتها على غيرها من الدول الأضعف منها لتحقيق مصالحها وتزيد من نفوذها وقوتها وبالتالي السمة الطبيعية للعلاقات الدولية تكون علاقات مبنية أساسا على الصراع،
وإذا رجعنا إلى أسباب تقديمهم لهذه التعاريف نلاحظ بأنهم حاولوا تعريفها بناء على الأوضاع الدولية التي كانت سائدة في تلك الفترة أي فترة الحربين العالمية الأولى والثانية حيث ساد المنطق الذي يركز على الدولة ذات السيادة المطلقة والفاعل الوحيد في العلاقات الدولية.
أما ستانلي هوفمان Stanley Hoffman الذي راجت أفكاره في ستينات القرن الماضي، فيقول "إن حقل المعرفة للعلاقات الدولية يعني العوامل والنشاطات المؤثرة في السياسات الخارجية وفي قوة الوحدات الأساسية المكونة لعالمنا".
ويرى رودولف هولتسي Rudolf Holsti أن "العلاقات الدولية تنشأ داخل كل مجموعة من الكيانات السياسية: قبائل أو دول أو مدن أو أمم أو إمبراطوريات تربط بينها تفاعلات تتميز بقدر كبير من التواتر والانتظام".
لقد تعددت التعاريف حول مفهوم العلاقات الدولية، حيث هناك من يرى ان السياسة الخارجية مظهر من مظاهر هذه العلاقات، ورأى بعضهم ان العلاقات الدولية هي تلك القوى الاساسية الاكثر تأثيرا في السياسة الخارجية، أما البعض الآخر فاعتبر أن العلاقات الدولية هي مجموعة من الأنشطة المختلفة كالاتصالات الدولية والتبادل التجاري وغيرها، وبأنها تلك العلاقات بين الافراد الذين ينتمون لدول مختلفة، الى غير ذلك....
ونستنتج مما سبق أنه ليس هناك إجماعا على تعريف موحد للعلاقات الدولية من قبل جميع الباحثين المهتمين بدراستها، فجميع تلك التعريفات صحيحة بمجملها، فالقواسم مشتركة بينها حيث أن العلاقات الدولية تتم عبر الحدود وانها تتم خارج نطاق الدولة الواحدة فهي تطال الدول والمنظمات الدولية والشركات المتعددة الجنسيات والجماعات السياسية كالأحزاب الى غير ذلك.
السداسي الأول - مسلك القانون بالعربية
وحدة مدخل لدراسة العلاقات الدولية
محاضرات مدخل لدراسة العلاقات الدولية
الدكتور محمد محاسيني
السنة الجامعية: 2022-2023
السنة الجامعية: 2022-2023
محاضرات مدخل لدراسة العلاقات الدولية، من إعداد الدكتور محمد محاسيني، أستاذ باحث تفي شعبة القانون العام بجامعة ابن زهر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكادير، لفائدة طلبته بـ السداسي الأول شعبة القانون باللغة العربية.
تقديم:
تعود نشأة العلاقات الدولية إلى نشوء الجماعات البشرية، ثم قامت القبائل وتطورت وعرفت فترات من الحرب والسلم والتجارة ومن هنا يمكننا القول بان تاريخ العلاقات السياسية الدولية تاريخ قديم منذ قدم وجود الإنسان.
خلال السنوات الاخيرة عرفت الساحة والسياسة الدولية على السواء تحولات كبيرة، فالاوضاع الموضوعية والقوى والظروف الكامنة، وتوزع القوة والتأثير الاقتصادي والقضايا البارزة كلها عوامل مختلفة بالتأكيد، و لكن بالاضافة الى هذه الاختلافات نجد ان الوضع الذاتي او اطار المرجعية الذي يفهم الناس من خلاله الاحداث العالمية تغير هو الآخر، فقد انتقلنا من المجتمع البشري الذي عاش حياته الجماعية مجزأة إلى سياق جديد يعيش فيه هذا المجتمع حياته ككل لا يتجزأ، فالحضارة العالمية التي نشأت الان هي ذات نفوذ اكبر بكثير نسبيا من نفوذ حضارة روما التي كانت الأوسع انتشارا من كل الحضارات العالمية السابقة، فأبعد قرية في غابة مهجورة وأصغر كوخ معزول في القطب الشمالي يشعران بسلطة التأثير والسيطرة في العصر الحالي.
- عرف جيمس برایس James Brice العلاقات الدولية عام 1922 بأنها: "تلك التي تعنى بالعلاقات بين الدول والشعوب المختلفة"، وعند التدقيق في هذا التعريف يلاحظ أنه بسيط وشامل وغير دقيق، فهو لا يعكس طبيعة ظواهر العلاقات الدولية المتشابكة والمعقدة، كما أنه يفتقد للأسس العلمية والمنهجية التي تشترط التدقيق والوضوح عند البحث في أي مفهوم.
بينما يذهب كل من غريسون كيبر ووالتر شارب Grayson Kipper et Walter Sharp عام 1940، إلى أن العلاقات الدولية هي: "بحث وتشخيص العوامل الرئيسة المحركة للسياسة الخارجية على أن تدرس بشكل منظم". وما يلاحظ على هذا التعريف أنه على الرغم من تلميحه للجوانب العلمية التي تشخص العلاقات الدولية، إلا أنه حاول تقزيم العلاقات الدولية فقط في السلوك الخارجي للدول المتمثل في سياساتها الخارجية.
وعلى نفس المنوال سار كل من هانس مورغنثو وكين تومسون Hans Morgenthau et Kenneth Thompson عام 1950 بأن جوهر العلاقات الدولية يتمثل في : " السياسة الدولية التي مادتها الأساسية الصراع من أجل القوة بين الدول ذات السيادة. فهما يعتبران أن العلاقات الدولية تتمحور في السلوك العدواني الذي تنتهجه الدولة باستعمال قوتها على غيرها من الدول الأضعف منها لتحقيق مصالحها وتزيد من نفوذها وقوتها وبالتالي السمة الطبيعية للعلاقات الدولية تكون علاقات مبنية أساسا على الصراع،
وإذا رجعنا إلى أسباب تقديمهم لهذه التعاريف نلاحظ بأنهم حاولوا تعريفها بناء على الأوضاع الدولية التي كانت سائدة في تلك الفترة أي فترة الحربين العالمية الأولى والثانية حيث ساد المنطق الذي يركز على الدولة ذات السيادة المطلقة والفاعل الوحيد في العلاقات الدولية.
أما ستانلي هوفمان Stanley Hoffman الذي راجت أفكاره في ستينات القرن الماضي، فيقول "إن حقل المعرفة للعلاقات الدولية يعني العوامل والنشاطات المؤثرة في السياسات الخارجية وفي قوة الوحدات الأساسية المكونة لعالمنا".
ويرى رودولف هولتسي Rudolf Holsti أن "العلاقات الدولية تنشأ داخل كل مجموعة من الكيانات السياسية: قبائل أو دول أو مدن أو أمم أو إمبراطوريات تربط بينها تفاعلات تتميز بقدر كبير من التواتر والانتظام".
لقد تعددت التعاريف حول مفهوم العلاقات الدولية، حيث هناك من يرى ان السياسة الخارجية مظهر من مظاهر هذه العلاقات، ورأى بعضهم ان العلاقات الدولية هي تلك القوى الاساسية الاكثر تأثيرا في السياسة الخارجية، أما البعض الآخر فاعتبر أن العلاقات الدولية هي مجموعة من الأنشطة المختلفة كالاتصالات الدولية والتبادل التجاري وغيرها، وبأنها تلك العلاقات بين الافراد الذين ينتمون لدول مختلفة، الى غير ذلك....
ونستنتج مما سبق أنه ليس هناك إجماعا على تعريف موحد للعلاقات الدولية من قبل جميع الباحثين المهتمين بدراستها، فجميع تلك التعريفات صحيحة بمجملها، فالقواسم مشتركة بينها حيث أن العلاقات الدولية تتم عبر الحدود وانها تتم خارج نطاق الدولة الواحدة فهي تطال الدول والمنظمات الدولية والشركات المتعددة الجنسيات والجماعات السياسية كالأحزاب الى غير ذلك.