تويت
جامعة ابن زهر - كلية الحقوق أيت ملول
الفصل الأول - مسلك العلوم القانونية
وحدة المدخل إلى الشريعة الإسلامية
محاضرات المدخل لدراسة القانون ، الدكتور هشام أزكاغ
السنة الجامعية: 2020-2021
محاضرات مادة الشريعة الإسلامية، من إعداد الدكتور هشام أزكاغ أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أيت ملول بجامعة ابن زهر،
هذه المحاضرات موجهة لطلبة السداسي الأول، بسلك الإجازة الأساسية في العلوم القانونية.
مقدمة:
لقد كانت الحضارة الإنسانية منذ أن تفرقت الخليفة إلى مجتمعات أو أمم تستمد أحكام الضبط الاجتماعي من مصادر متنوعة، أهمها الدين والقانون، فبعض المجتمعات تدين بعقائد سماوية، وبعضها الآخر يدين بأفكار فلسفية وضعية، وهو ما يترك أثرا واضحا على الشرائع المطبقة، قد يصل أحيانا إلى التشكيل الكامل لهذه الشرائع.
بل أن من الثابت تاريخيا واجتماعيا، أن مجموع الضوابط الشكلية للأحكام القانونية قد ظهرت في المجتمعات البشرية القديمة على هيئة أوامر أو نواه دينية، ومثال الواضح لذلك هو نشأة القوانين عند الفراعنة واليونان، وإذا كان هذا ثابتا عند المؤرخين وعلماء القانون والاجتماع، فإن الكتب السماوية الثلاثة، القرآن والتوراة والإنجيل، تتفق جميعها على أن البشرية قد بدأت بخلق آدم عليه السلام، وهو نبي ورسول، وبذلك تكون البشرية قد بدأت بدين وقوانين سماوية.
ولأن قواعد التشريع مرتبطة بالمفهوم الحضاري للمجتمع، وتعتبر عنصرا أصيلا من مقوماته وخصائصه الثقافية، فإن الشريعة الإسلامية كانت المصدر الذي تستمد منه سائر البلاد الإسلامية أصول قوانينها وأحكامها منذ ظهور الإسلام في أواخر القرن السادس للميلاد وتتابع الفتوحات. إذ على خلاف الإنجيل المنزل على سيدنا عيسى عليه السلام الذي قرر بنفسه مبدأ الفصل بين الدين والدولة، فإن الشريعة الاسلامية على العكس من ذلك تماما قد نصت على القواعد القانونية العامة في فروع القانون المختلفة، بل إن القرآن يعتبر الحكم بغير ما أنزل الله كفرا وظلما.
فالإسلام ليس دينا أخرويا يربط الإنسان بربه بحسب، بل هو دين ودنيا في آن واحد، فكما ربط الإنسان إلى خالقه بالعبادات، ربطه إلى أخيه الإنسان بالمعاملات والتزاوج، وسلكه في نظم وقوانين معينة وجعل من الفرد المسلم إنسانا اجتماعيا تنظمه علاقات محددة مرسومة على أسس محدودة.
وظلت الشريعة الإسلامية هي السائدة دون منافس إلى حدود منتصف القرن التاسع عشر، ليس فقط في تنظيم العلاقات القانونية و إنما في سائر أوجه الحياة، وعبر كل التطورات والتقلبات التي عرفتها الأمة الإسلامية، سواء في عهد الدولة الأموية أم في عهد الدولة العباسية، أم بعد ظهور النزاعات الاستقلالية لدى حكام و أمراء الأقاليم، وسواء في العهود التي ظلت فيها الدولة الإسلامية موحدة أم في العهود التي انقسمت فيها إلى عدة دول، سواء في العهود التي تولى الحكم فيها عرب أم عناصر غير عربية، و استمر كذلك في عهد الخلافة العثمانية.
وبفعل تغلب الحضارة الأوربية و تغلغل النفوذ الأجنبي في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، بدأ الاتجاه نحو الأخذ والاقتباس من الشرائع التي حرص الاستعمار الأوروبي على نشرها في الدول الإسلامية لذلك فإن مجال إعمال الشريعة الإسلامية أصبح اليوم منحصرا بالنسبة لكثير من هذه البلدان من هذه على ما يعبر عنه بالأحوال الشخصية و بعض المعاملات الأخرى " فالشريعة الاسلامية تطبق مبادئها على العقارات غير المحفظة " . والشريعة الإسلامية كغيرها من القوانين السائدة في المجتمعات المعاصرة ، 1قائمة بذاتها، لها خصائصها التي تتميز بها سواء من حيث نشأتها، ومراحل تطورها، والمصادر التي تستمد منها أحكامها.
لذلك، فقد ارتأينا لدراسة المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية أن نتطرق بداية إلى الإطار العام لدراسة الشريعة الاسلامية من خلال تحديد مفهومها اللغوي والاصطلاحي، وخصائصها، وتمييز الشريعة الإسلامية عن بعض النظم المشابهة لها، ثم بعدها سوف ننتقل إلى تحديد مصادر الشريعة الإسلامية، وفيما بعد سوف نعالج التطور التاريخي للتشريع الإسلامي، وبذلك ستكون دراستنا للمادة وفق التقسيم المنهجي التالي:
المحور الأول : الإطار العام لدراسة المدخل إلى الشريعة الإسلامية :
المحور الثاني : التطور التاريخي للتشريع الإسلامي
المحور الثالث : موقع الشريعة الإسلامية في النظام القانوني المغربي
المحور الرابع : مصادر الشريعة الإسلامية
المحور الخامس : نماذج من القواعد الكلية التشريعية
المحور السادس : مقاصد الشريعة الإسلامية.
الفصل الأول - مسلك العلوم القانونية
وحدة المدخل إلى الشريعة الإسلامية
محاضرات المدخل لدراسة القانون ، الدكتور هشام أزكاغ
السنة الجامعية: 2020-2021
محاضرات مادة الشريعة الإسلامية، من إعداد الدكتور هشام أزكاغ أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أيت ملول بجامعة ابن زهر،
هذه المحاضرات موجهة لطلبة السداسي الأول، بسلك الإجازة الأساسية في العلوم القانونية.
مقدمة:
لقد كانت الحضارة الإنسانية منذ أن تفرقت الخليفة إلى مجتمعات أو أمم تستمد أحكام الضبط الاجتماعي من مصادر متنوعة، أهمها الدين والقانون، فبعض المجتمعات تدين بعقائد سماوية، وبعضها الآخر يدين بأفكار فلسفية وضعية، وهو ما يترك أثرا واضحا على الشرائع المطبقة، قد يصل أحيانا إلى التشكيل الكامل لهذه الشرائع.
بل أن من الثابت تاريخيا واجتماعيا، أن مجموع الضوابط الشكلية للأحكام القانونية قد ظهرت في المجتمعات البشرية القديمة على هيئة أوامر أو نواه دينية، ومثال الواضح لذلك هو نشأة القوانين عند الفراعنة واليونان، وإذا كان هذا ثابتا عند المؤرخين وعلماء القانون والاجتماع، فإن الكتب السماوية الثلاثة، القرآن والتوراة والإنجيل، تتفق جميعها على أن البشرية قد بدأت بخلق آدم عليه السلام، وهو نبي ورسول، وبذلك تكون البشرية قد بدأت بدين وقوانين سماوية.
ولأن قواعد التشريع مرتبطة بالمفهوم الحضاري للمجتمع، وتعتبر عنصرا أصيلا من مقوماته وخصائصه الثقافية، فإن الشريعة الإسلامية كانت المصدر الذي تستمد منه سائر البلاد الإسلامية أصول قوانينها وأحكامها منذ ظهور الإسلام في أواخر القرن السادس للميلاد وتتابع الفتوحات. إذ على خلاف الإنجيل المنزل على سيدنا عيسى عليه السلام الذي قرر بنفسه مبدأ الفصل بين الدين والدولة، فإن الشريعة الاسلامية على العكس من ذلك تماما قد نصت على القواعد القانونية العامة في فروع القانون المختلفة، بل إن القرآن يعتبر الحكم بغير ما أنزل الله كفرا وظلما.
فالإسلام ليس دينا أخرويا يربط الإنسان بربه بحسب، بل هو دين ودنيا في آن واحد، فكما ربط الإنسان إلى خالقه بالعبادات، ربطه إلى أخيه الإنسان بالمعاملات والتزاوج، وسلكه في نظم وقوانين معينة وجعل من الفرد المسلم إنسانا اجتماعيا تنظمه علاقات محددة مرسومة على أسس محدودة.
وظلت الشريعة الإسلامية هي السائدة دون منافس إلى حدود منتصف القرن التاسع عشر، ليس فقط في تنظيم العلاقات القانونية و إنما في سائر أوجه الحياة، وعبر كل التطورات والتقلبات التي عرفتها الأمة الإسلامية، سواء في عهد الدولة الأموية أم في عهد الدولة العباسية، أم بعد ظهور النزاعات الاستقلالية لدى حكام و أمراء الأقاليم، وسواء في العهود التي ظلت فيها الدولة الإسلامية موحدة أم في العهود التي انقسمت فيها إلى عدة دول، سواء في العهود التي تولى الحكم فيها عرب أم عناصر غير عربية، و استمر كذلك في عهد الخلافة العثمانية.
وبفعل تغلب الحضارة الأوربية و تغلغل النفوذ الأجنبي في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، بدأ الاتجاه نحو الأخذ والاقتباس من الشرائع التي حرص الاستعمار الأوروبي على نشرها في الدول الإسلامية لذلك فإن مجال إعمال الشريعة الإسلامية أصبح اليوم منحصرا بالنسبة لكثير من هذه البلدان من هذه على ما يعبر عنه بالأحوال الشخصية و بعض المعاملات الأخرى " فالشريعة الاسلامية تطبق مبادئها على العقارات غير المحفظة " . والشريعة الإسلامية كغيرها من القوانين السائدة في المجتمعات المعاصرة ، 1قائمة بذاتها، لها خصائصها التي تتميز بها سواء من حيث نشأتها، ومراحل تطورها، والمصادر التي تستمد منها أحكامها.
لذلك، فقد ارتأينا لدراسة المدخل لدراسة الشريعة الاسلامية أن نتطرق بداية إلى الإطار العام لدراسة الشريعة الاسلامية من خلال تحديد مفهومها اللغوي والاصطلاحي، وخصائصها، وتمييز الشريعة الإسلامية عن بعض النظم المشابهة لها، ثم بعدها سوف ننتقل إلى تحديد مصادر الشريعة الإسلامية، وفيما بعد سوف نعالج التطور التاريخي للتشريع الإسلامي، وبذلك ستكون دراستنا للمادة وفق التقسيم المنهجي التالي:
المحور الأول : الإطار العام لدراسة المدخل إلى الشريعة الإسلامية :
المحور الثاني : التطور التاريخي للتشريع الإسلامي
المحور الثالث : موقع الشريعة الإسلامية في النظام القانوني المغربي
المحور الرابع : مصادر الشريعة الإسلامية
المحور الخامس : نماذج من القواعد الكلية التشريعية
المحور السادس : مقاصد الشريعة الإسلامية.