إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علم الإجرام (2021) ، الدكتور أوقادي إسماعيل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [ محاضرات ] علم الإجرام (2021) ، الدكتور أوقادي إسماعيل

    جامعة ابن زهر - كلية الحقوق أكادير
    الفصل الخامس - مسار القانون الخاص
    وحدة علم الإجرام


    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	إسماعيل أوقادي.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	20.7 كيلوبايت  الهوية:	891

    محاضرت علم الإجرام ، الدكتور أوقادي إسماعيل

    السنة الجامعية : 2021-2022


    محاضرات في وحدة علم الإجرام، من إعداد الدكتور أوقادي إسماعيل أستاذ باحث في القانون الخاص بجامعة ابن زهر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، لفائدة طلبة السداسي الخامس مسار القانون الخاص، برسم السنة الجامعية : 2021-2022.



    تمهيد :

    أولا : كيف نقارب علم الإجرام ؟

    لا يمكن للباحث في العلوم الإنسانية أن يتجرد من ذاته بصفة مطلقة وهو يضع على طاولة البحث موضوعات متنوعة تقع على ممطوط التماس مع ذاته كإنسان، إن ذاته سرعان ما تشتبك بالمواضيع فتفعل فيها فعل السحر ، هل هذا اعتراف سابق لأوانه بفشل كل حديث يدعي لنفسه القدرة على تناول موضوع إنساني من منظور علمي موضوعي . إن الأمر على العكس تماما . إن مجرد توقع سهولة الانجراف إلى تذویت La subjectivation الموضوع، يخلق لدى الباحث نوعا من الحذر الإبستمولوجي Prudence épistémologique الذي يدفع به إلى تحري أقصى حدود الصرامة العلمية تلافيا لكل سقوط في متاهات الذاتية، و يبقي في نفس الوقت على الحد المعقول من الحضور الذاتي الذي لا رؤية حقيقية ولا فهم إلا من خلاله.

    إن ملاحقة تطور التفكير العلمي حول الظاهرة الإجرامية le phenomene criminel ، هو طريق معبدة بشكل جيد من قبل باحثين سابقين، لكن جمالية هذا التعبيد ، لا تعادلها إلا النهايات المسدودة التي تنتهي إلها كل طريق . و كأن التفكير في السلوك الإجرامي عمل ذاتي صرف ، فلا أحد يبدأ عملا و يأتي آخر ليثمنه . إن کرونولوجيا التفكير في الجريمة ، هي كرونولوجيا ساحقة و مدمرة ، فلا يأتي باحث إلا ليدمر مجهود الذين سبقوه.

    إن الأمر لا يتعلق بمعارك – سيئة النية- بين باحثين، ولا بتصفية حسابات بين مشاريع فكرية ، إن الأمر يتعلق بعملية التفكير نفسها، فالبراديغمات Paradigmes التأويلية لكل باحث ترهن الموضوع لمسحة من الشر و الجنون تميز كل باحث أو قارئ اتخذ الجريمة و المجرم موضوعا لتفكيره .

    لهذا كان لزاما من أجل فهم أنساق التفكير حول الجريمة أن تعيد الإسترشاد بالفصل demarcation popperienne الذي قعد له كارل بوبر ، بين ما ينتمي لمجال العلم science، وهو ما تشهد له الملاحظة والتجربة و بين ما ينتمي لمجال اللاعلم non-science وهو ما تشهد له الخدوس و التأويلات و كل ما هو مفارق للتجربة.

    إن البحوث التشريحية وعلم الأعصاب neurologie وأبحاث الدماغ recherches sur le cerveau والنوروبيولوجيا neurobiologie التي تهتم بالسلوك الاجرامي هي بحوث تنتمي لمجال العلم ، ولا أحد يمكنه أن يجادل حول طبيعتها العلمية، ويمكن تفنيدها أو تأكيدها بناءا على معيار القابلية للتكذيب falsifiabilité ، لكن بالمقابل،يمكن المجادلة طويلا حول الطبيعة العلمية لمدارس التحليل النفسي ، بوثوقيتها المكابرة على كل اختبار و تجربة ، كما يمكن المجادلة طويلا حول الطبيعة العلمية للمدارس الاجتماعية لتفسير الجريمة ، خصوصا حينما تهرب من المناهج الكمية و تحتمي وراء متاريس المناهج الكيفية.

    إن هذا الفصل ضروري جدا من أجل فہم الأنساق التي قاربت الجريمة ، فہو لا ينطوي على نية إقصاء كل ما لا ينتمي لمجال العلم ،ولا على نية إعلاء ما ينتمي إليه ، إنه فصل وظيفي يجرد كل نسق من الأدوات التي ليست من طبيعته ، فلا يستقوي اللاعلم بأدوات العلم ، ولا يضعف العلم بأدوات اللاعلم.

    إن فصلا من هذا القبيل يرفع مدارج النظر من أسفل إلى أعلى و يفتح آفاقا رحبة للفہم و التأويل ، إنه يمنحنا فرصة أفضل لتأمل الجريمة من زوايا متعددة دون تمكين مقصلة المنهج من إقصاء كل ما لا ينتمي لمجال العلم ، إن زوايا التأمل غير الإمبريقية ، ليست سيئة بالمرة ، إنها تنسج في أحيان كثيرة خيوطا سحرية في الفہم أكثر وجاهة من كل إحصاء ، و من كل تشريح ...

    إن الإنتصار للعلم التجريبي مشروع متفهم جدا ، لكن يجب أن لا ننجرف إلى استصنامه إلى درجة نلغي معها حدوسنا القوية نحو ظواهر لا تطالها عين الملاحظة و التجربة ، فالعلم ليس إلا شكلا من أشكال المعرفة ، و ليس كل المعرفة ، فثمة طرقا أخرى للمعرفة عقلية و حدسية و تأملية ليست أقل شأنا من العلم ، لكن ثمة من له مصلحة في أن يجعل من العلم التجريبي لوحده دون غيره ، أرقى هذه الأشكال و يصنف الأخرى في المراتب الأقل درجة...

    إن المدافعين عن أفضلية العلم على ما عداه من طرق المعرفة الأخرى يستندون في ذلك إلى مسألتين اثنتين : المنهج العلمي ( الكأس المقدسة للعلم ) ، والنتائج اليقينية للعلم ، لكن تاريخ العلم نفسه يكذب هذا الزعم ، فمجموعة من النظريات العلمية الناجحة انتهكت فيها المنهجية العلمية الصارمة ، و هي تدين في نجاحها لإجراءات غير علمية ، بل لأخطاء علمية في كثير من الأحيان ، كما أن اليقين العلمي ليس في نهاية المطاف إلا أداة لإثبات حدوسنا الأولية نحو الظواهر.

    إن الدراسات حول علم الإجرام تجسيد عميق لہذا اللبس والتنازع، ففي جزء كبير منها كتابة إقصائية ،إنها تقدم الفهم الإنساني للجريمة بشكل صاعد في الزمن ، ففي الأسفل توجد تأملات الحكماء والعارفين والفلاسفة ، وفي الأعلى توجد الدراسات التجريبية ، إنها مقاربة تحمل حكم قيمة مجحف على كل من لا يحتمي بالأرقام والإحصاءات..

    يجب أن نحد من تطلعاتنا بخصوص ما يمكن للعلم أن يسهم به في فهم الجريمة ، إنه يساعدنا فقط لا أقل من ذلك ولا أكثر ، والذين ينتظرون أن تقدم المناهج العلمية في مجال الجريمة نتائج يقينية حاسمة هم يصغرون الإنسان ، ولا يعرفون إلى حد يمكن أن يصدم الإنسان كل نتائج العلم ويأتي ضدها ، إن الإنسان يمكن مقاربته مجهريا ، لكنه أكبر من المجهر ، ويمكن مقاربته إحصائيا بالأرقام ، ولكنه أكبر من الأرقام، إن حشدا من الناس يمكن تحويله إلى عينة ، ولكن لا يمكن تعميم نتائجها على الفرد ، إن كل فرد أكبر من العينة التي وضع ضمنها ...

    إن الظاهرة الإنسانية تستعصي على الخضوع للمناهج العلمية ، لأنه تقف تماما على النقيض من الظاهرة الطبيعية، فالظاهرة الطبيعية - في جزء كبير منها يمكن إخضاعها للدراسة لأنها ثابتة، ويوجد انفصال من حيث النوع بين الذات الباحثة و الموضوع المبحوث، وعلى العكس تماما من ذلك، فالظاهرة الإنسانية غير ثابثة ، إن الإنسان يتحرك على الدوام، و يغير من آراءه، ويدرس من يدره، إنه مؤدلج و له مصالحه الخاصة، مما يجعل الظفر بنتائج ثابتة ويقينية من خلال دراسة سلوكه مجرد ضرب من ضروب الخيال.

    إن الحد من توقعاتنا بخصوص ما يمكن للعلم أن يسهم به في فهم الجريمة، ليس غرض سحب الثقة في نتائج العلم حول الجريمة، إن الغرض من ذلك هو مسألتين : الأولى هي أن يتسلح الباحث بدروع الشك وألا لا يحمل نتائج العلم على محمل اليقين النهائي ، فتاريخ علم الإجرام نفسه يعطينا الإمضاء على ذلك ، وثانيا أن يتصف الباحث بنوع من السماحة والتصالح اتجاه الفيوم الأخرى التي قد لا تقف على أرضية تجريبية صلبة.



    للإطلاع وتحميل : محاضرات علم الإجرام
    التعديل الأخير تم بواسطة FSJES AGADIR; الساعة 08 November 2022, 10:31 PM.
يعمل...
X

AdBlock Detected

Please Disable Adblock

Please consider supporting us by disabling the ad blocker.

I've Disabled AdBlock